خطبة الجمعة القادمة: “مال الوقف .. حرمته وتنميته ودوره في خدمة المجتمع” بتاريخ 25 من صفر 1438هـ الموافق 25 / 11 / 2016م
أصدر معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة يوم الخميس 17 / 11 / 2016م القرار الوزاري رقم (274) لسنة 2016م بشأن حماية مال الوقف وتحصينه ، مع تخصيص خطبة الجمعة القادمة 25 من صفر 1438هـ الموافق 25 / 11 / 2016م للحديث عن: “مال الوقف .. حرمته وتنميته ودوره في خدمة المجتمع” ، وقد أكد معالي الوزير أن مال الوقف كمال اليتيم نار تحرق آكلها ، وأن من يعتدي على مال الوقف الذي هو مال الله بأي شكل من أشكال الاعتداء إنما يدخل في حرب مع الله وهي حرب معلومة النتائج مدمرة للمعتدين على مال الوقف مال الله وحق الأيتام والفقراء والمحتاجين وما شرط أو وقف له ، ونشر في ذلك مقالا هاما تحت عنوان: “مال الوقف ومال اليتيم” .
وقد وجه معالي الوزير سيادة اللواء / راتب محمد راتب رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بوقف أي تعامل يخالف هذا القرار فورًا .
وهذا نص القرار ونص المقال:
أولا: نص القرار:
ثانيا: نص المقال:
مال الوقف هو مال الله ، وهو لما أُوقِفَ له ، فشرط الواقف كنص الشارع ، فهو واجب النفاذ ، مالم يُحِل حرامًا أو يُحَرّم حلالاً ، ولا أعلم وقفا واحدًا أو واقفًا واحدًا أوقف وهو يبتغي وجه الله (عز وجل) ، أحل حرامًا أو حرم حلالا ، إنما هو بغية الفضل والرضا والقبول والمثوبة.
ومال الوقف مال خاص بما أوقف له أو عليه ، غير أن نفعه قد يتعدى الخاص إلى العام ، عندما يكون وقفًا على عموم الفقراء ، أو عموم المساجد ، أو على التعليم ، أو علاج المرضى ، أو على عموم الخيرات باتساع أبوابها .
ومن ثمة فإن حق هذا المال لا يسقط بالتقادم أبدًا ، والاعتداء عليه أو تسهيل الاستيلاء عليه أو الإهمال في حقه وعدم المحافظة عليه إثم كبير وجرم مقيم ، فهو بمثابة مال اليتيم وأشد ، فكلاهما نار تحرق جسد من يقترب منهما بغير حق في الدنيا والآخرة ، حيث يحول هذا المال الحرام حياة آكله إلى جحيم في الدنيا “وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” ، حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) في كتابه العزيز : ” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ” ويقول سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً) .
والقائمون على شئون الوقف كالقائم على مال اليتيم ، وقد نظم لهم القانون حقوقهم وواجباتهم ، غير أن هناك قانونًا أعظم ، لا يفلت منه أحد ، هو قانون السماء وعدالة السماء ، حيث يقول الحق (سبحانه) في شأن القائم على مال اليتيم : ” وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ”، فعلينا جميعًا أن نستحضر نية مرضاة الله ، وأن نبتغي – إلى جانب القيام بمهمتنا الوظيفية- وجه الله في الحفاظ على هذا المال ، وأن نحرص على استرداد ما اعتدي عليه منه ، وأن نعمل على تنميته وتعظيم استثماراته وعائداته ، مدركين أن ما نقوم به إنما هو عمل جليل في خدمة الدين والوطن ، وأن نُقْصِيَ عنه أي فاسد أو مُعَوّق ؛ لأن الأمانة ثقيلة لمن أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها، مع تأكيدنا أن الخير في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى يوم القيامة وسيظل ، وأن هناك مجموعة من الرجال والشباب المؤمنين الوطنيين داخل هيئة الأوقاف وخارجها يعملون الآن بهمة وحماس للوفاء بمهمتي المحافظة على المال وتطوير وتحسين وتعظيم استثماراته ، مبتغين وجه الله (عز وجل) ، ومصلحة الوطن والوفاء بحق الأمانة التي حملوها ، والخير لأنفسهم ولزملائهم ، وهو ما يستحقون عليه التشجيع والتقدير ، وإن كانت هذه الجهود ما تزال في بدايتها وتحتاج إلى الرعاية والدعم ، وهم ونحن معهم على أمل كبير في النهوض بمنظومة الأوقاف بإذن الله تعالى .
ويبقى هؤلاء المتربصون بالوقف ، المتطلعون إليه ، الذين لا يردعهم دين ولا خلق كريم عن الاعتداء عليه أو محاولات هذا الاعتداء ، أو التحايل في الاستيلاء عليه ظلمًا وعدوانًا غصبًا أو تدليسًا ، أو إيهامًا للنفس بالشراء الذي تحول لدى البعض بصور غير مشروعة إلى محاولات للنهب ، وإلى جانب هؤلاء كل متواطئ أو صامت على جرائمهم ، أو مستغاث به غير مغيث ، أو غير مكترث ، أوغير مهتم أو جاعل مال الوقف في ذيل أولوياته ، أو ناظر إليه على أنه مال لا صاحب له ، ولهؤلاء وأولئك نقول : إن لهذا المال صاحبًا لا يغفل ولا ينام ، ولن ينتفع أحد بمال الوقف بغير حق فيهنأ به أبدًا ، إنما يكون عليهم حسرة في الدنيا قبل أن يقال يوم العرض على الله (عزوجل) : “وقفوهم إنهم مسئولون” ، فماذا هم لربهم قائلون ؟ .
وعلى الجانب الآخر هناك من يحمل راية الوقف ويريدها عالية خفاقتًا ، ويعمل على استرداد جميع حقوقه ، خشية لله ، وإحقاقًا للحق ، وصونًا للوقف ، وتفعيلاً لدوره في العمل الخيري والاجتماعي وصالح الفقراء والمحتاجين ، وسائر أوجه البر التي أوقف لها ، من نشر الفهم المستنير للدين ، وإعداد الدعاة وتدريبهم ، وعمارة بيوت الله ، وسائر وجوه البر والخيرات ، فجزى الله كل من جعل قضية الوقف نصب عينيه ، وعلى رأسهم سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الذي حرك بتوجيهاته السديدة وعنايته بأمر الوقف الماء الذي كان راكدًا في هذه القضية ، ثم يأتي شكر آخر للسيد المهندس / إبراهيم محلب مساعد السيد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية ، ولجميع السادة أعضاء اللجنة المشكلة لاسترداد أملاك الأوقاف والعمل على تعظيم استثماراتها وجميع معاونيهم واحدًا واحدًا ، وأقول لهم ولجميع العاملين بهيئة الأوقاف : إنكم لتؤدون عملا لو تعلمون عظيمًا ، وقد حدثني السيد المهندس / إبراهيم محلب في اجتماع اللجنة الثالث الذي انعقد يوم الأحد 14/8/2016م ، ونحن نعد خطة شديدة الإحكام لحصر أموال الأوقاف ، قائلاً : لو لم نعمل في حياتنا شيئًا آخر غير تحصين هذا المال من النهب للقينا الله عز وجل ونحن على أمل في ألا يردنا عنه خائبين ، وإننا لندرك أن اليوم عمل وغدًا الحساب ، ” يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” .
على أننا جميعًا في حاجة ماسة إلى رحمته سبحانه وإلى عونه وتأييده وتسديده ، وأن يوفقنا لخدمة دينه ، وخدمة وطننا ، وخدمة مال الوقف ، والوفاء بحق ما كلفنا به ، وأن يعيننا على ذلك ، إنه وحده ولي ذلك والقادر عليه ، وهو الموفق والمستعان .
خطب